فَصْلٌ فـي النَّفَقَةِ والكِسْوةِ والسُّكنَى
تـجبُ النفقةُ والكِسوةُ والسُّكْنَى علـى الزَّوْج. ولو كان صغيراً لا يقدِرُ علـى الوطء للعِرْس مسلـمةً أَو كافرةً ، كبـيرةً أو صغيرةً ، تُوطأ بِقَدْرِ حالِهِما ، فتـجبُ فـي الـمُوسِرِيْن نفقَةُ الـيَسَار ، و الـمُعْسِرِين نفقةُ الإِعسَار. وفـي الـمُوسِرِ والـمُعسِرَة وعَكْسه بـين الـحَالـين ولو فـي بـيتِ أَبِـيها ، أو مَرِضت فـي بـيتِ الزَّوْج ، لا لناشِزَةٍ خَرَجَت من بـيتِه ،
ومـحبُوسةٍ بِدَيْن ، ولا مَرِيضةٍ لـم تُزفّ و مغصوبةٍ كَرْهاً و حاجَّةٍ لا معه.
ولو كانت معه فَلها نفقةُ الـحَضَرِ لا السَّفَر ولا الكِرَاء.
وعلـيه موسِراً نَفَقةُ خادمٍ واحدٍ لها فقط ، لا مُعْسِراً فـي الأَصَحِّ. ولا يفرَّقُ بـينهما لعجْزِهِ عنها ، وتُؤمَرُ بالاستِدَانةِ علـيه ، ومَنْ فُرِضَت لعَسَاره فأيَسَر تمّـم نَفَقةَ يَسَارِه إنْ طَلبَت.
وتسقطُ فـي مدة مَضَت ، إلا إذا سَبَق فَرْضُ قاضٍ ، أو رضيا بشيءٍ ، فتـجبُ لـما مضى ما داما حَيَّـينِ ، فإن مات أحَدُهما ، أو طَلَّقَها قبلَ قَبْض سَقَط الـمفروض ، إلا إذا استدانَت بأَمْر القاضي. ولا تُستردُ معجلة مُدَّةً. مات أحدهما قَبْلَها ونفقةُ عِرسِ القِنّ علـيه ، يُباع فـيها مرة بعد أخرى ، وفـي دَيْن غيرها يُبَاع مرة واحدةً. وتَـجِبُ سُكناها فـي بـيتٍ لـيس فـيه أحدٌ من أَهْلِهِ ، ولو ولدَه من غيرها إلاَّ برضَاها. وبـيتٌ مفردٌ مِن دَار له غَلَقٌ كَفَاها.
وله منعُ والدَيها وولَدِها مِن غيرِه من الدُّخولِ علـيها ، لا من النَّظر إلـيها و كلامِها متـى شاؤا.
وقـيل : لا يَمنعُ من الـخروجِ إلـى الوَالِدَين ، ولا مِن دُخُولِهما علـيها ، كُلَّ جُمُعة ، وفـي مَـحْرَمٍ غيرهما كل سنة ، وهو الصحيح.
وتُفرَض نفقةُ عِرْسِ الغائبِ و طِفله و أبويه فـي مالٍ له ، من جِنْس حقِّهم فقط عند مُوْدَعٍ أو مُضارِبٍ ، أو مديونٍ إن أقرَّ بِهِ وبالنكاح ، أو عَلِـمَ القاضي ذلك ، ويُحلِّفُها أنه لـم يُعطِها النفقةَ ، ويُكْفِلُها ، لا بإقامةِ بـينةٍ لـيفرِض علـيه ، ويَأمُرها بالاستدانة. ولا يقضي بالنكاح.
وقال زفر : يقضي بالنفقة لا بالنِّكَاححِ وعَملُ القضاةِ الـيومَ علـى هذا للـحاجةِ ولـمُطَلَّقةِ الرَّجْعيّيِ والبائن ، والـمفرَّقة بلا معصيةٍ ، كخيار العِتْقِ والبُلوغِ والتفريقِ ، لعدم الكفاءة النفقةُ والسُّكْنَى ، لا لـمُعتدَّة الـموتِ والـمفرَّقة بمعصية كالرِّدة.
وتقبـيلِ ابن الزَّوْج ورِدَّةِ مُعتدَّة الثلاثِ تُسقِطُ النَّفَقةَ ، لالاَمِكيِنهَا ابنَهُ.
ونفقةُ الطِّفل فقـيراً علـى أبـيه ، لا يشارِكُه أحدٌ كنفقةِ أبويه وعِرْسِه.
ولـيس علـى أُمِّه إرضاعُهُ إلا إذا تعينَتْ ، ويستأجِرُ الأب مَنْ يُرْضِعُهُ عندها. ولو استأجَرَها مَنْكُوحَةً له أو معتدةً من رَجعي لتُرْضِعَه ، لـم يَجُزْ وفـي الَمبْتُوتةِ روايتان.
وَلإِرضاعِهِ بعد العِدّة صحّ ، وهي أَحقُّ من الأَجنبـية إِلا أَن تَطلُبَ زيادةَ أَجرٍ.
ونفقةُ البنتِ بالغةً والابنِ زَمِناً علـى الأبِ خاصَّةً ، وبه يُفتـى. وعلـى الـمُوسِر يَسَارَ الفِطْرَةِ نفقةُ أصولِهِ الفقراء بالسَّويَّة بـين الابنِ والبنتِ ، ويُعتبر فـيها القُربُ والـجُزئيةُ ، ففـي مَنْ له بنتٌ وابنُ ابنً علـى البنتِ ، وفـي ولدِ بنتٍ وأخٍ علـى ولدِهَا.
و نفقةُ كلِ ذي رحمٍ مَـحْرَمٍ صغيرٍ ، أو بالغةٍ فقـيرةٍ ، أو ذَكَرٍ زَمِنٍ ، أو أعمى ، علـى قدْرِ الإِرْثِ ، ويُعْتبرُ أهلـيةُ الإرْث لا حقـيقَتُه ، فنفقةُ مَنْ له خالٌ وابنُ عمِّ علـى الـخالِ ، ولا نفقَةَ مع الاختلافِ دِيْناً إلا للزوجةِ والأصولِ والفُروعِ ، ولا مع الفقرِ إلا لها وللفُرُوعِ ، ولا للغنِـيِّ إلاَّ لها.
وباع الأبُ عَرْضَ ابنِهِ لا عَقَارَه لنفقتِهِ ، لا لِدَين له علـيه سواها ، ولا الأمُّ تبـيع مالَه لنفَقَتِها. وضَمِنَ مُودَعُ الابنِ لو أَنْفقها علـى أبويه بلا أَمْرِ قاضٍ ، لا الأَبوان لو أنفقا مالَهُ عندهما.
وإذا قُضِي بنفقةِ غير العِرْس ومَضَت مدةٌ سَقَطَت ، إلا أنْ يَأذنَ القاضي بالاستدانة.
ونفقةُ الـمـَمْلوكِ علـى سيِّدهِ ، فإن أبى كَسَبَ وأنفَقَ ، وإن عَجَزَ عنه أُمِرَ بِبـيعِهِ.