(فَصْلٌ فـيما يُحْدَثُ فـي الطَّرِيقِ)
مَنْ أَحْدَثَ فـي طَرِيقِ العَامَّةِ كَنِـيفاً ، أَوْ مِيزَاباً ، أَوْ جُرْصُناً ، أَوْ دُكَّاناً ، وَسِعَهُ ذَلِكَ إِنْ لَـمْ يَضُرَّ بِالنَّاسِ. وَلِكُلَ نَقْضُهُ.
وَ فـي طَرِيقٍ غَيْرِ نَافِذٍ لا يَسَعُهُ بِلاَ إذْنِ الشُّرَكَاءِ. وَضَمِنَ عَاقِلَتُهُ دِيَةَ مَنْ مَاتَ بِسُقُوطِهَا ، كَمَا لَوْ وَضَعَ حَجَراً فـي طَرِيقٍ ، أَوْ حَفَرَ بِئْراً فَتَلِفَ به إنْسَانٌ ،
لا إنْ مَاتَ جُوعاً أَو غمّاً.
وإنْ تَلِفَ بِهِ بَهِيمَةٌ ضَمِنَ هُوَ إِنْ لَـمْ يَأْذَنْ بِهِ الإِمَامُ.
وَرَبُّ حَائِطٍ مَائِلٍ إلـى طَرِيقِ العَامَّةِ ، وَطَلَب نَقْضَهُ ، مُسْلِـمٌ أَوْ ذَمِّيٌّ مِـمَّنْ يَمْلِكُ نَقْضَهُ كَالرَّاهِنِ بِفَكِّ رَهْنِهِ ، والوَلـيِّ والـمُوصِي وَالـمُكَاتَبِ ، وَالعَبْدِ التَّاجِرِ ، فَلَـمْ يُنْقَضْ فـي مُدَّةٍ يُمْكِنُ نَقْضُهُ ، ضَمِنَ مَا تَلِفَ بِهِ ، وَ عَاقِلَتُهُ النَّفْسَ.
لا مَنْ طُلِبَ فَبَاعَ ، وَقَبَضَهُ الـمُشْتَرِي فَسَقَطَ ، أَوْ طُلِبَ مِـمَّنْ لاَ يَمْلِكُ كالـمُودَعِ وَنَـحْوِهِ.
وَإِنْ مَالَ إِلَـى دَارِ أَحَدٍ فَلَهُ الطَّلَبُ. وإِنْ بَنَى مَائِلاً ابْتِدَاءً ضَمِنَ بِلاَ طَلَبٍ. وَإِنْ طُلِبَ أَحدُ الشُّرَكَاءِ ، أَوْ حَفَرَ فـي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ ، فَالضَّمَانُ بِالـحِصَّةِ.
(فَصْلٌ فـي جِنَايَةِ البَهِمَةِ)
ضَمِنَ الرَّاكِبُ مَا أَتْلَفَتْهُ دَابتَّهُ ،
لاَ مَا نَفَحَتْ بِطَرَفِ رِجْلِهَا ، أوْذَنَبِهَا ،
أَوْ تَلِفَ بِمَا رَاثَتْ أَوْ بَالَتْ فـي الطَّرِيقِ : سَائِرَةً أَوْ أَوْقَفَهَا لِذَلِكَ. أَوْ أَصَابَتْ حَصَاةً ، أَوْ حَجَراً صَغِيراً ، أوْ نَـحْوَهُ ، فَفَقَأَ عَيْناً.
وَضَمِنَ بِالْـحَجَرِ الكَبِـيرِ.
وَالسَّائِقُ وَالقَائِدُ كالرَّاكِبِ ، إِلاَّ أنّ الكَفَّارَةَ عَلَـيْهِ فَقَطْ.
وَإِنِ اصْطَدَمَ فَارِسَانِ ، ضَمِنَ عَاقِلَةُ كُلَ دِيَةَ الآخَرَ.
وَإِنْ أَرْسَلَ كَلْباً فَأَصَابَ فـي فَوْرِهِ ضَمِنَ إنْ سَاقَه ، وفـي الطَّيْرِ وَ الدَّابَةِ الـمُنْفَلِتَةِ لاَ.
وَإِن اجْتَمَعَ الرَّاكبُ وَالنَّاخِسُ ضَمِنَ هُوَ حتّـى النَّفْحَة.
وَيَجِبُ فـي فَقَاءِ عَيْنَ شَاةِ القَصَّابِ مَا نَقَصَ عَيْنِ البَقَرِ ، وَ الـجَزُورِ ، وَ الـحِمَار ، والبَغْلِ ، والفَرَسِ : رُبُعُ القِـيمَةِ.
(فَصْلٌ فـي جنَايَةِ الرَّقـيقِ والـجنَايةِ علـيه)
إن جنى عَبْدٌ خطأً دَفَعَهُ سَيِّدُهُ بِهَا. أوْ فَدَاه بِأَرْشِهَا حَالاً.
فَإِنْ وَهَبَهُ ، أَوْ بَاعَهُ ، أَوْ أَعْتَقَهُ ، أَوْ دَبَّرَهُ ، أوِ اسْتَوْلَدَهَا ، وَلَـمْ يَعْلَـمْ بِهَا ، ضَمِنَ الأَقَلَّ مِنْ قِـيمَتِهِ وَمِن الأَرْشِ ، وَإِنْ عَلِـمَ غرِمَ الأَرْشَ.
وَدِيَةُ العَبْدِ قِـيمَتُهُ ، فَإِنْ بَلَغَتْ هِيَ
دِيَةَ الـحُرِّ ، وَ قِـيمَةُ الأَمَةِ دِيَةَ الـحُرَّة ، نَقَصَ مِنْ كُلَ عَشْرَةً.
وَفِـي الغَصْبِ قِـيمَتُهُ مَا كَانَتْ ، وَمَا قُدِّرَ مِنْ دِيَةِ الـحُرِّ قُدِّرَ مِنْ قِـيمَتِهِ.
وفـي فَقْأِ عَيْنَـيْ عَبْدٍ ، دَفَعَهُ سَيِّدُهُ وَأَخَذَ قِـيمَتَهُ سَلِـيـماً. أوْ أمْسَـكـهُ بِـلاَ أَخْـذِ النُّقْصَانِ ، إنْ جَنَى مُدَبَّراً ، أوْ أُمّ وَلَدٍ ضَمِنَ السَّيِّدُ الأقَلّ مِنْ قِـيمَتِهِ وَمِنَ الأَرْشِ.
فَإِنْ جَنَى أُخْرَى ،
شَارَكَ وَلِـيُّ الثَّانِـيَةِ وَلِـيَّ الأوْلَـى فـي قِـيمةٍ دُفِعَتْ إِلَـيْهِ بِقَضَاءٍ ، إذْ لَـيْسَ فـي جِنَايَاتِهِ إلاّ قِـيمَةٌ وَاحِدةٌ ، وَاتَّبَعَ السَّيِّدَ أوْ وَلِـيَّ الأُوْلَـى إن دُفِعَتْ بِلاَ قَضَاءٍ.
وَمَنْ غَصَبَ صَبِـيّاً حُرّاً ، فَمَاتَ مَعَهُ فَجْأَةً ، أوْ بحُمَّى لَـمْ يَضْمَنْ. وَإِنْ مَاتَ بِصَاعِقَةٍ أَوْ نَهْشِ حَيَّةٍ ، ضَمِنَ عَاقِلَتُهُ
فَصْلٌ فـي القَسَاَمةِ
مَيْتٌ بِهِ جُرْحٌ أو أَثَرُ ضَرْبٍ ، أوْ خَنْقٍ ، أوْ خُرُوجُ دَمٍ مِنْ أُذُنِهِ أو عَيْنِهِ.
وُجِدَ فـي مَـحَلَّةٍ ، أَوْ أَكْثَرُه ، أَوْ نِصْفُهُ ، مَعَ رَأْسِهِ لاَ يُعْلَـمُ قَاتِلُهُ ، وادَّعَى وَلَـيُّهُ القَتْلَ عَلَـى أَهْلِهَا : حُلِّفَ خَمْسُونَ رَجُلاً حُرّاً مُكَلَّفاً مِنْهُمْ ، يَخْتَارُهُمَ الوَلـيُّ : بِاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ وَلاَ عَلِـمْنَا لَهُ قَاتِلاً ، لا الوَلِـيُّ ، ثُمَّ قُضِيَ عَلَـى أَهْلِهَا بالدِّيَةِ.
وإنِ ادَّعَى عَلَـى وَاحِدٍ غَيْرهِمْ سَقَطَت القَسَامَةُ عَنْهُمْ ، فإنْ لَـمْ يَكُنْ فِـيهَا خَمْسُونَ كَرَّرَ الـحَلِفَ عَلَـيْهِمْ إلـى أنْ يَتِمّ. وَمَنْ نَكَلَ حُبِسَ حتّـى يَحْلِفَ. لاَ إنْ خَرَجَ الدَّمُ مِنْ فِـيهِ أوْ دُبُرِهِ أوْ ذَكَرِهِ.
وفـي قَتِـيلٍ عَلَـى دَابَّةٍ يَسُوقُهَا رَجُلٌ ضَمِنَ عَاقِلَتُهُ دِيَتَهُ ،
والرَّاكِبُ وَالقَائِدُ كالسَّائِقِ. وعَلَـى دَابَّةٍ بَـيْنَ قَرْيَتَـيْنِ ، عَلَـى أهْل أقْرَبِهِمَا. وفـي دَارِ رَجُلٍ عَلَـيْهِ القَسَامَةُ. وَتَدِي عَاقِلَتُهُ إنْ ثَبَتَ أنّهَا لَهُ بالـحُجَّةِ. وَتَدِي وَرَثَتُهُ إنْ وُجِدَ فـي دَارِ نَفْسِهِ.
وَالقَسَامَةُ عَلَـى أَهْلِ الـخِطَّةِ دُوَن السُّكّانِ وَالـمُشْتَرِينَ. فَإِنْ بَاعَ كُلٌّ مَنْهُمْ فَعَلـى الـمُشْتَرِينَ ، وفـي دَارٍ مُشْتَركَةٍ عَلَـى عَدَدِ الرؤوس ، وفـي الفُلْكِ ، فَالقَسَامَةُ عَلَـى مَنْ فِـيهِ.
وَ فـي سُوقٍ مَـمْلُوكٍ عَلَـى الـمَالِكِ ، وَ فـي مَسْجِدِ مَـحَلَّةٍ عَلَـى أَهْلِهَا ، وَ فـي غَيْرِ مَـمْلُوكٍ ، وَ الشّارِعِ ، والـجِسْرِ ، والسِّجْنِ ، والـجَامَعِ ، لا قَسَامَةَ.
وَالدِّيَةُ عَلَـى بَـيْتِ الـمَالِ ، وفـي بَرِّيَةٍ
فَصْلٌ فـي الـمَعَاقِلِ
العَاقِلَةُ : أَهْلُ الدِّيوَانِ
لِـمَنْ هُوَ مِنْهُمْ ، تُؤْخَذُ مِنْ عَطَايَاهُمْ مَتَـى خَرَجَتْ ، وَحَيُّهُ
لِـمَنْ لَـيْسَ مِنْهُمْ ، يُؤْخَذُ مِنْ كُلَ فـي ثَلاَثِ سِنِـينَ ثَلاَثةُ دَرَاهِمَ أَوْ أَرْبَعَةٌ.
وَإِنْ لَـمْ يَسْعَ الـحَيُّ ضُمَّ إِلَـيْهِ أَقْرَبُ الأَحْيَاءِ نَسَباً : الأَقْرَبُ فَالأَقْرَب ، وَالبَاقِـي عَلَـى الـجَانِـي.
وَالقَاتِلُ كَأَحَدِهِمْ. وَ لِلْـمُعْتَقِ حَيُّ سَيِّدِهِ. وَ لِـمَوْلَـى الـمُوَالاَةِ مَوْلاَهُ وَحَيُّهُ. وَالْـمُعْتَبَرُ فـي العَجَمِ أَهْلُ النُّصْرَةِ ، سَوَاءٌ كَانَتْ بِالـحِرْفَةِ أَوْ غَيْرِهَا.
وَمَنْ لاَ عَاقِلَة لَهُ يُعْطَى مِنْ بَـيْتِ الـمَالِ ، إنْ كَانَ ، وَإِلاَّ فَعَلَـى الـجَانِـي.
وَتَتَـحَمَّلُ العَاقِلَةُ مَا يَجِبُ بِنَفْسِ القَتْلِ ، لاَ مَا يَجِبُ بِصُلْـحٍ وَ إِقْرَارٍ لَـمْ تُصَدِّقْهُ العَاقِلَة ، أَوْ عَمْدٍ سَقَطَ قَوَدُهُ بِشُبْهَةٍ ، أَوْ قَتْلِهِ أبنَهِ
عَمداً ، وَلاَ جِنَايَةَ عَبْدٍ ، أوْ عَمْدٍ ، أَوْ مَا دُونَ أَرْشٍ مُوضِحَةٍ ، بَلْ الـجَانِـي.