هي إِخْبَارٌ بحقَ له علـى غيره.
والـمُدَّعي : مَنْ لا يُجْبَرُ علـى الـخُصُومَةِ ، والـمُدَّعَى علـيه من يُجْبَرُ. وهي إِنما تَصِحُّ بذكِر شيءٍ عُلِـم جِنْسُه وقَدْرُهُ ،
وأَنه فـي يد الـمُدَّعَى علـيه.
وفـي الـمَنْقُول يزيد : بغير حَقَ ، وفـي العَقَار لا تَثْبُتُ الـيدُ إِلا بحُجَّةٍ ، أَو عِلـمِ القاضي ، والـمُطَالبةُ به وإِحْضَارُه إِن أَمْكَنَ ، لـيُشيرَ إِلـيهِ الـمُدَّعي والشاهِدُ والـحَالِفُ ، وذِكْرُ قـيمتِهِ إِنْ تَعَذَّرَ ، والـحُدُودِ الأربعةِ أَو الثلاثةِ فـي العَقَار ،
وأَسماءِ أَصحابِهَا ونسبِهِمْ إِلـى الـجَدِّ.
وإِذا صَحَّتْ سَأَلَ القَاضِي الـخَصْمَ عنها ، فإِن أَقرَّ أَو أَنْكَرَ ، وسَأَلَ الـمُدَّعي ب2يِّنَةً ، فأَقام ، قَضَى علـيه. وإِن لـم يُقِمِ البَـيِّنَةَ حَلَّفَهَ ، إِنْ طَلَبَهُ خَصْمُهُ ، فإِنْ نَكَلَ مرةً ، أَو سَكَتَ بلا أفَةٍ ، وقَضَى بالنُّكُوْلِ ، صَحَّ. وعَرَضَ الـيمينَ ثلاثاً ، ثم القضاءُ أَحْوَطُ.
ولا تُرَدّ الـيمنُ علـى مُدَّعٍ ، وإِنْ نَكَلَ خصمُه ، ولا يَحْلِفُ فـي نِكِاحٍ ورَجْعةٍ ، وفَـيْءٍ إِيلاءٍ ، واستـيلادٍ ، ورِقٍ ، ونَسَبٍ ، ووَلاءٍ ، وحَدٍ ولِعَانٍ ،
إِلاَّ إِذا ادّعى فـي النكاح والنَّسَب مالاً ، كَمَهْرٍ ونَفَقَةٍ وإِرثٍ.
وحَلَفَ السَّارِقُ ، وضَمِنَ إِنْ نَكَلَ ، ولـم يُقْطَعْ ، والزَّوجُ إِذا ادّعتْ طلاقاً ، فَـيَثْبُتُ إِنْ نَكَلَ نِصْفُ الـمَهْر أَو كله. وكذا مُنْكِرُ القَوَدِ ، فإِنْ نَكَلَ فـي النَّفْسِ ، حُبِسَ حتـى يُقِرَّ أَو يَحْلف ، وفِـيْمَا دُوْنَهَا يُقْتَصُّ.
وإِنْ قال : لـي بَـيِّنَةٌ حاضرةٌ ، وطَلَبَ حَلِفَ الـخَصْمِ لا يُحلَّفُ. ويُكَفِّلُ بِنَفْسه ثلاثةَ أَيامٍ.
فإِن أَبَى ، لاَزَمَه والغَرِيْبَ قَدْرَ مـجلسِ الـحُكْمِ.
ولا يُكفِّلُ إِلا إِلـى آخر الـمَـجْلِس.
والـحَلِف بالله تعالـى ، لا بالطلاقِ والعَتَاق. فإِن أَلـحَّ الـخَصْمُ قـيل : صَحَّ بِهِمَا فـي زماننا.
ويُغلِّظُ بصِفَاتِهِ تَعَالـى ، لا بالزَّمَانِ والـمَكانِ.
وحُلِّف الـيَهُودِيُّ باللهاِ الَّذِي أَنْزَلَ الَّتْوَرَاةَ علـى مُوسَى ، والنَّصْرانـيُّ باللهاِ اَّلذِي أَنْزَلَ الإنْـجِيلَ علـى عِيسَى ، والـمَـجُوسِيُّ بالله اَّلذِي خَـلَقَ الَّنارَ ، والوَثَنِـيّ
بالله ، ولا يُحلّفُ فـي معابِدِهم.
ويُحَلُّفُ علـى الـحاصِلِ نـحو : باللهاِ ما بـينكما بَـيْعٌ قَائِمٌ ، أَو : نِكَاحٌ قَائِمٌ فـي الـحَالِ ، أَو : ما هي بَائِنٌ مِنْكَ الآنَ ، لا علـى السبب نـحو : بالله ما بِعْتَهُ ونَـحْوُهُ ، إِلا أَنْ يَتَضَرَّرَ الـمُدَّعي ، فَـيَحْلِفُ علـى السبب ، كَدَعوى شُفْعةٍ بالـجوار ، فإِنَّه يَحْلِفُ علـى مَذْهَبِ الشافعي أَنه لا يَجب الشُّفْعَةُ ، وكذا فـي سببٍ لا يَتَكَرَّرُ ، كعبدٍ مُسْلـمٍ يَدَّعِي عِتْقَه علـى مُوْلاَهُ ، وفـي الأَمَةِ والعَبْدِ الكافِرِ علـى الـحاصل.
ويُحْلَفَّ علـى العِلْـم مَنْ وَرِث شيئاً فادَّعَاهُ آخَرُ ، ويُحَلَّفُ علـى البَتَاتِ إِنْ وَهَبَ له أَو اشّتَرَاهُ.
وصَحّ فِدَاءُ الـحَلِفِ والصُّلْـحُ عنه.
فصل فـي التـحالف
ولو اختلفا فـي قَدْرِ الثَّمَن أَو الـمَبِـيِع ، حَكَمَ لِـمَنْ بَرْهَنَ ، وإِن بَرْهَنَا ، فَلِـمُثْبِتِ الزيادة ، وإِنْ اختلفا فـيهما ، فحُجَّةُ البائع فـي الثمن ، وحُجَّةُ الـمُشْتَرِي فـي الـمَبِـيع ، وإِنْ عَجَزَا ، رَضِيَ كلٌّ بزيادةٍ يدّعيها الآخرُ ، وإِلا ، تـحالفاً ، وحَلَّفَ الـمشتري أَوّلاً ، وفَسَخَ القاضي البـيعَ.
ومَنْ نَكَلَ لَزِمَه دَعْوَى الآخَر ، ولا تَـحَالُفَ فـي الأَجَلِ ، والـخِيَار ، ولا فـي قَبْض بعضِ الثَّمَن.
وحَلَّفَ الـمُنْكِرَ ، ولا بعد هلاكِ الـمَبِـيعِ ، وحَلَّفَ الـمُشتري ،
ولا بعد هلاكِ بعضِهِ ، إِلا أَنْ يَرْضَى البائعُ بِتَرْكِ حِصَّة الهالِكِ.
ولو اختلفا فـي بَدَلِ الإجَاَرةِ أَو الـمَنْفَعَةِ تَـحَالَفَا ، كما فـي البَـيْعِ. والـمَنْفَعَةُ كالـمبـيع ، والبَدَلُ كالثَّمَنِ ، وبعد قَبْضِها لا ، وبعد قبضِ بعضِهَا تـحالفا ، وفُسِخَتْ فـيما بَقِـيَ ، والقَولُ للـمستأَجِرِ فـيما مَضَى.
وإِن اختلفَ الزَّوْجَان فـي مَتَاعِ البَـيْعِ ، فلها ما صَلُـح لها ، وله ما صَلُـح له ، إِلا إِن كانت الـمرأَةُ مـمن تبـيعُ ما يَصْلُـحُ للرِّجَال ، أَو ما صَلُـح لهما.
وإِن مات أَحَدُهُمُا ، فالـمُشْكِلُ للـحَيّ ، وإِن كان أَحَدُهُما عبداً ، فالكُلُّ للـحُرِّ فـي الـحياة ، وللـحَيِّ
بَعْدَ الـمَوْتِ.
وسَقَطَ دَعْوَى الـمِلْكِ الـمُطْلقِ ، إِنْ بَرْهَنَ ذو الـيد أَنَّ الـمُدَّعَى وَدِيعَةٌ ، أَو عَاريَّةٌ ، أَو رَهْنٌ ، أَو مُؤجَّرٌ ، أَو مغصوب من زيد.
وحُجَّةِ الـخَارِجِ فـي الـمِلكِ الـمُطْلَق أَحقُّ من حُجَّة ذِي الـيد ، وإِنْ وقَّتَ أَحَدُهُما فقط.
ولو بَرْهَن خارجانِ ، قُضِيَ لهما نِصْفَـيْن ، ولو بَرْهَنَ خارِجانِ فـي نِكَاحٍ سقطا ، وهي لِـمَنْ صدَّقَتْهُ ، فإِن أُرِّخا ، فالسابقُ أَحقُّ.
وإِنْ أَقَرَّتْ لِـمَنْ لا حُجَّةَ له ، فهي له ، فإِن بَرْهَنَ الآخَرُ قُضِيَ له ، وإِنْ بَرْهَنَ أَحَدُهُما وقُضِي له ، ثم بَرْهَنَ الآخَرُ ، لـم يُقْض له ،
إِلا إِذا ثَبَتَ سَبْقُهُ.
ما لـم يُقضَ بحُجَّةِ الـخارج علـى ذي يدٍ ظَهَرَ نِكَاحُهُ ، إِلا إِذا أَثبتَ سَبْقَهُ.
وإِن بَرْهَنَا علـى شِرَاءِ شيءٍ من ذي يَدٍ ، فَلِكُلَ نِصْفُهُ بِنِصْفِ ، أَو تَرْكُهُ.
ولو تَرَكَ أَحَدُهُما بَعْدَ ما قُضِي له ، لـم يَأْخُذِ الآخَرُ كُلَّه.
والشِّرِاءُ أَحَـقُّ مـن هِـبَـةٍ ، وصَدَقَةٍ ، ورَهْنٍ مع قَبْضٍ. والشِّرَاءُ والـمَهُر سَوَاءٌ ، وكذا الغَصْبُ والوَدِيْعَةُ. ولا يُرَجَّحُ بِكَثْرَةِ الشُّهُودِ.
ولو ادّعى أَحدُ خَارِجَيْنِ نِصْفَ دَارٍ ، والآخَرُ كلَّها ، فالرُّبُع للأول. وقالا : الثلثُ والباقـي للثانـي ، وإِن كانت مَعَهُما ، فهي للثانـي : نصفٌ بالقضاء ، ونِصْفٌ لا بِهِ.
ولو بَرْهَنَ خَارِجانِ علـى نَتَاج دابَّةٍ وأَرَّخا ، قُضِيَ لِـمْن وَاَفَقَ تأْرِيخُهُ سِنَّها ، وإِن أَشْكَلَ ، فلهما ، وذو الـيد الـمستعملُ ، كمن لبَّن ، واللابسُ لا آخذ الكُم ، والراكب لا آخذ اللِّـجَامَ ، ومَنْ فـي السَّرْج لا رَدِيفُه ، وذوُ الـحِمْلِ لا من عَلَّقَ كُوْزَهُ.
ومَنْ اتصَلَ الـحائِطُ بِبِنَائِهِ اتصَالَ تَرْبِـيعِ ، أَو وضع علـيه الـجِذْعَ ،
ولا اعتبار لوضع خَشَبَاتٍ علَـيه ، وجالسُ البِسَاط ، والـمُتَعَلِّقُ به سَوَاءٌ ، وكذا مَنْ معه ثوبٌ وطَرَفُهُ مع آخَرَ ، وذو بَـيْتٍ مِن دارٍ كَذِي بُـيوتٍ فـي حقِ ساحتِهَا.
(فَصْلٌ فـي دَعْوَى النَّسَبِ)
مبـيعةٌ وَلَدَتْ لأقلَّ من نِصْفِ حَوْلٍ مُنْذُ بِـيعَتْ ، فادّعى البائعُ الوَلَدَ ، ثَبَتَ نسبُهُ منه ، وأُمِّيَّتُهما ، ويُفْسَخُ البَـيْعُ. ولو ادّعاه بعد عِتْقِهَا ثَبَتَ نَسَبُه ، ويَرُدُّ حِصَّتَهُ من الثمن.
ولا تُعْتَبَرُ دَعْوَةُ الـمُشْتَرِي
ولا البَائِع بعد مَوْتِ الوَلَدِ أَو عِتْقِهِ ، وكذا لو وَلَدَتْ لأ2كْثَرَ من نِصْفِ الـحَوْلِ ، أَو أَقلَّ من سَنَتَـيْنِ ، إِلا إِذا صدَّقه الـمُشْتَريِ ، وَلِسَنَتَـينِ أَو أَكثرَ ، وهي أَمُّ وَلِدِهِ نِكَاحاً ، إِن صَدَّقهُ الـمشتري.